تدل الشواهد الأثرية بجدران المقابر في مصر القديمة، أن الضرائب كانت نظاما معمولا به، وأنها قد فرضت على كل الطبقات، وهذا لم يمنع من وجود استثناءات وإعفاءات للعاملين ببعض الوظائف ومنها الجيش كما حدث في عصر حور محب الذي أعفى الجند من الضرائب، بل وأعفى أيضا الفقراء. يؤكد الباحث الأثرى د.حسين دقيل، أن أكثر الطبقات التي تعرضت للضرائب هم الفلاحون وكانت الضريبة تجُمع منهم لسهولة حصر الحقول والمواشي، وكان يستخدم العنف والضرب لمن يتهرب منها.
وخلال موسم الحصاد، كان الكتبة الإداريون يتوافدون إلى الحقول، لحساب قيمة الضرائب وفقا لناتج المحاصيل.
كانت هناك ضرائب تفرض أيضا على أصحاب المناصب العليا من الوزراء ورؤساء البلديات ومسؤولي المدن، وهي بذلك لم تفرق بين غني وفقير.
وقد التزم المصريون القدماء بأداء الضرائب؛ لأنهم اعتبروها أمر دينيا، فقد كان المصري القديم مرتبطا بعقيدته، ولذا جُمعت في موعدها، وكانت الشكاوى أو التقاعس عن أدائها نادرا ما يكون.
كانت الضرائب تُدر أموالا طائلة على الملك، وكانت تمثل النسبة الأكبر في اعتماد الدولة عليها، حتى إنها بلغت ما يقرب من 90% من موارد الدولة، سواء في مشروعاتها التنموية أو في حملاتها وحروبها العسكرية.
وبالرغم من ذلك؛ فلم تكن الضرائب نسبتُها كبيرة، كما كانت تخفف أثناء الكوارث الطبيعية والأزمات التي تتعرض لها الدولة. ولضمان حق دافع الضريبة كان هناك ما يسمى بالإيصال.
ويشير دقيل إلى أن الفلاح الذي يرى أنه قد ظُلم أو أضر، كان يحق له رفع شكواه إلى “الحاكم”. وهذا ما حدث بالفعل، ففي عهد رمسيس الثالث (1198 – 1166ق.م)، عندما كان المدعو “أمون إم وى”، المشرف على أحد المعابد، يجأر بالشكوى لأن الضرائب تطالبه بمدفوعات باهظة للغاية؛ في حين أنه لا يتلقى القوت والمؤن الغذائية التي تلزم الدولة بتقديمها له.